مرحلة المراهقة تتميز بالتغيرات السريعة سواء للذكر أو الأنثى سواء على المستوى الجسدي أو المستوى النفسي الاجتماعي ولذلك يبحث المراهق في هذه المرحلة عن "الهوية" ومحاولة إيجاد دور اجتماعي وجنسي ووظيفي في المجتمع الذي ينتمي إليه، فالمراهقة هي ثورة على الطفولة السابقة وإيجاد هوية جديدة.
مواجهة التحديات
بعد البلوغ وما يصاحبها من تغيرات يواجه المراهق عدة تحديات منها التحكم في طاقته الجنسية وارتياحه لأحد أفراد الجنس الآخر وتحرير ذاته من الاعتماد المفرط على والديه سواء اجتماعيا أو عاطفيا أو اقتصاديا ولذلك نجد البعض منهم يبحث عن عمل وينمو لديه شعور ناضج "بالهوية"، هذه التحديات التي يعيشها المراهق تعرف بأنها هي أزمة "الهوية" وتتبلور في سؤالين أساسيين هما : من أنا ؟ وماذا أريد ؟
لذلك يقوم المراهق من خلال ما اكتسبه من مراحل نموه السابقة، وما يواجهه من تحديات وما ظهر عليه من تغيرات نفسية وجسدية بدخول هذه المرحلة وما يتمخض عنها من تفاعل مع الأصدقاء وأفراد الجنس الآخر وسلطة الوالدين، ومن هنا يدخل الأولاد إلى المراهقة بحدة ويندمجون مع الزمالة من نفس الاهتمام بالجنس الآخر، وما يترتب عليه من الاهتمام بالمظهر بالإضافة إلى محاولة التحرر من مساندة الوالدين، وفي أثناء هذه العملية من "التفرد" يتأرجح المراهق بين "اعتمادية الطفل" و "عناد المستقل" وهو الأمر الذي يثير حيرة الوالدين كما في حالة صاحبة الرسالة.
تناقض المشاعر
المراهق يكون متناقض المشاعر حيث يرفض سيطرة الكبار وفي نفس الوقت يحتاج إلى إرشاد وتوجيه، كما أنه متقلب المزاج فقد لا تستطيع قوى الضبط الداخلي أن تتكيف مع النزعات الغريزية المتزايدة، فقد يحدث السلوك الجنسي الفاضح أو نوبات العدوان أو الشره للأكل، وفي نفس الوقت يتبنى مواقف جمالية مبالغا فيها مثل الإفراط في القراءة والتفكير والمناقشة، وقد يتفاعل مع بعض أفكاره فيشعر بالعزلة والخوف والانقباض ونقص الثقة بالنفس.
الحيل الدفاعية
على كل أم وأب لشاب أو شابة في مرحلة المراهقة أن يعلم أن هناك "حيلا دفاعية" يعيشها المراهق سواء المراهق السوي أو المراهق المضطرب ولكنها بدرجات من التوازن والمبالغة في المشاعر المتضاربة وأهمها:
- النقل - حيث ينقل الاحتياجات الاعتمادية من الوالدين إلى ارتباطات جديدة لصداقة أو حب أو فلسفة معينة أو قيادة دينية.
- قلب المشاعر للضد - فالمراهق الذي لا يستطيع الانفصال قد يعكس اعتماديتة ويحول الحب إلى عناد والارتباط إلى ثورة والاحترام إلى سخرية.
- الانطواء - حيث يقوم المراهق من توجيه مشاعره للذات بدلا من الوالدين ولذا يهتم بجماله بشكل مبالغ فيه وزيادة تأكيده لذاته وخيالات القوة والجمال، وقد تتقلب في شكل مرضي مثل الانشغال بالجسد في صور توهم المرض والقلق.
- الكبت - وقد يقوم المراهق بكبت نزعات المراهقة ورغبات الجنس ومشاعر العدوان ومحاولة المحافظة على الصورة الحسنة التي نشأ عليها.
- النكوص - حيث يقوم المراهق بالعودة للاهتمام باللعب كالأطفال وزيادة الاعتماد على الوالدين
- التكوين العكسي - هنا نجد المراهق يحكم نزعاته ويتجه للزهد وفي الحالات المرضية يصل إلى الوسواس والفصام المبكر.
- العقلنة - حيث يقوم المراهق بالبحث عن المبادئ المجردة لتنظيم سلوكه وعدم المرونة في تطبيق مبادئه التي توصل إليها.
- المثالية - حيث يرى المراهق في غمرة حماسه الأخلاقي المبادئ قاطعة "بيضاء أو سوداء" ويجيد تطبيقها دون اعتبار للمواقف.
المراهق المضطرب
يجب التفرقة بين المراهقة السوية والمراهقة المضطربة، فالمراهق المضطرب يحتاج إلى علاج نفسي يهدف إلى تشجيع نفسي للنمو ونضج الذات في مواجهة صراعاته النفسية حتى يتفهم دفاعاته غير الناضجة، مع توجيه الوالدين إلى فهم أعمق للمراهق وتقليل الصراع الخارجي بينهم وبين ابنهم المراهق بقدر الإمكان.
موضوع: عناء المراهقة 
الإثنين 15 أكتوبر - 16:43
